يتواجد رئيس الجمهورية، الأمين العام لجبهة البوليساريو السيد إبراهيم غالي خارج الوطن منذ شهر أبريل الفارط لتلقى العلاج عقب إصابته بوباء كورونا المستجد. ورغم أن الرئيس تخطى مرحلة الخطر، وتعافى بشكل كبير. حيث يباشر منذ أسابيع فترة نقاهة بإحدى المستشفيات الجزائرية، إلا أن غيابه القى بظلاله على تسيير المؤسسات بصفة عامة ولاسيما وزارة الشؤون الخارجية التي تشتغل برأسين منذ الفترة التي أعقبت المؤتمر الخامس عشر للجبهة، مؤتمر الشهيد البخاري أحمد باريك الله المقام ببلدة التفاريتي المحررة شهر ديسمبر 2019.
وفي ظل غياب الرئيس، ورغم اللحظة التاريخية التي يمر بها كفاح الشعب الصحراوي منذ تحلل الجبهة من اتفاق وقف إطلاق النار وعودة الكفاح المسلح، اختار عضو الامانة الوطنية للجبهة المكلف بأوروبا والاتحاد الأوروبي، السفير أبي بشرايا انتحال صفة وزير مكلف بأوروبا، حيث تظهر تلك الصفة في التعريف بالسفير الصحراوي بملصق الإعلان عن ندوة رقمية لمجموعة جنيف لدعم الصحراء الغربية، تحت عنوان: "حق تقرير مصير الشعب الصحراوي، الأسباب الجذرية لفشل الأمم المتحدة وكيفية المضي قدما في تفعيل المسار". مع العلم ان صفة وزير منتدب مكلف بقارة لم تعد موجودة ضمن هيكلة وزارة الشؤون الخارجية منذ المؤتمر الأخير للجبهة.
ففي المرسوم الرئاسي الصادر بتاريخ 25 يناير 2020، والذي أجري بموجبه رئيس الجمهورية الأمين العام للجبهة تعيينات على مستوى مركزية وزارة الشؤون الخارجية والبعثات بالخارج، تظهر صفة عضو الامانة الوطنية ابي بشرايا، كسفير ممثل بأوروبا والاتحاد الأوروبي. ولم تظهر صفة وزير منتدب مكلف بأي من القارات ضمن ذلك المرسوم الرئاسي. وهو ما يعني إلغاء لتلك الحلقة التنظيمية التي كان دورها يكمن في تنسيق وتوجيه عمل البعثات على مستوى القارات، وعين كل من المكلف بإفريقيا سابقا حمدي ميارة سفيرا بأنغولا، والمكلف سابقا بأوروبا محمد سيداتي ممثل بفرنسا، والمكلف بأمريكا اللاتينية منصور عمر وزيرا للتعليم.
ولم يكن انتحال صفة وزير من قبل السفير أبي بشرايا، التجاوز القانوني الوحيد الذي وقع فيه، بل إن موضوع الندوة المنتظر تنظيمها يوم غد الاربعاء، والتي تحمل عنوان: "مسار التسوية الأممي وعملية السلام التي ترعاها الأمم المتحدة في الصحراء الغربية"، يخص حصرا وزير الشؤون الخارجية ومندوب الجبهة لدى الأمم المتحدة، العضو الآخر للأمانة الوطنية، الدكتور سيدي عمار. وهو ما أكدت عليه أكثر من تعليمة رئاسية، بالاضافة الى أوامر شفهية وتعليمات وزارية مكتوبة صدرت لكافة السفراء والممثلين بعدم التعليق على موضوع العلاقة مع الأمم المتحدة، وترك الأمر لصاحب الملف، اي المندوب بالأمم المتحدة.
وحول هذا التجاوز الدستوري، وانتحال صفة وزير من قبل السفير ابي بشرايا، قال مصدر بوزارة الخارجية الصحراوية لموقع المشهد "نتأسف لمثل هذا السلوك الصادر عن عضو أمانة وطنية، والذي كان حري به ان يكون أشد حرص من غيره على تطبيق القانون وعدم انتحال صفة غير دستورية… مثل هذا التصرف يمس بحلم دولة القانون والعدل التي ينشد الشعب الصحراوي، ولا شك أنها تعد كبوة وإخفاق آخر يسجل على الجيل الثاني من الدبلوماسيين الصحراويين".
للإشارة فإن مجموعة جنيف لدعم الصحراء الغربية هي أرضية تضامن دبلوماسية، تأسست في العام 2017 من قبل سفراء أربعة عشر بلدا من الدول الصديقة للجمهورية الصحراوية، والمعروفة بمواقف التضامن الجسورة مع حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير والاستقلال، مثل الجزائر، جنوب افريقيا، كوبا، أنغولا وغيرها. علاوة على كل من الجمعية الأمريكية للقانونيين التي يرأسها السيد جيان فرانكو فاتيريني، الذي يقوم عادة بتنسيق عمل الأرضية وتنظيم لقاءاتها بالتعاون مع ممثلية الجبهة بجنيف والمنظمات الحقوقية والإنسانية التي مقرها سويسرا.
تعليقات
إرسال تعليق