القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الأخبار

بعد قرار قطع الاتصال بسفارتها ومنظماتها العاملة بالمغرب، ماذا تريد دولة الاحتلال من ألمانيا؟

 


بعد قرار قطع الاتصال بسفارتها ومنظماتها العاملة بالمغرب، ماذا تريد دولة الاحتلال من ألمانيا؟ 

تناقلت العديد من وسائل الإعلام المغربية ومنصات التواصل الإجتماعي- فى وقت يكاد يكون موحدا، تعليمة مسربة لوزير خارجية دولة الاحتلال إلى كافة القطاعات الوزارية لبلده أو الهيئات التابعة لها، تأمرها بوقف جميع أشكال التواصل مع السفارة الألمانية ببلاده، ومع كل المؤسسات والمنظمات الألمانية العاملة بالمغرب. 

وبحسب نفس الوثيقة الصادرة عن رجل القصر العلوي بحكومة العثماني، فإن قرار تعليق الإتصال مع السفارة الألمانية يعود إلى خلافات عميقة بين البلدين حول قضايا مصيرية بالنسبة للمخزن. 

وفي برلين تلقت الطبقة السياسية الألمانية  قرار دولة الاحتلال المغربية بكثير من الدهشة، كونه يعد سابقة في المعاملات الدبلوماسية الثنائية. وصرح مصدر حكومي الماني بالرباط لوكالة "دويتشه فيله" الإخبارية من أن القرار يعد بمثابة قرع لطبول الحرب. كما أنه يعكس تراكمية من الحقن السياسي المغربي تجاه برلين منذ مطلع العام الفارط.

وعلى اثر تلك الحادثة، استدعت وزارة الخارجية الألمانية يوم الثلاثاء الماضي  سفيرة نظام المخزن لديها، حيث عبر لها  كاتب الدولة بوزارة الخارجية عن دهشة بلاده من فحوى تلك الوثيقة، وطالبها بتقديم توضيحات. 

ومما تناقلته وسائل الإعلام قول المسؤولة المغربية ان سلوك بلادها نابع من تململ سياسي تجاه المانيا خاصة حيال  ملفي الصحراء الغربية وليبيا. مؤكدة امتعاض نظام الاحتلال من عدم مجاراة المانيا والكتلة الاوروبية لصفقة ترامب الثلاثية وخاصة في شقها الذي يعترف للمغرب بالسيادة المزعومة على الأراضي الصحراوية المحتلة، إضافة إلى الإدعاء بتهميش الماني متعمد لبلادها من مؤتمر برلين مطلع العام المنصرم. 

وحول الخطوة المغربية بقطع كافة أشكال التواصل مع السفارة والمنظمات الألمانية بالرباط، قال مصدر تنظيمي صحراوي لوكالة الأنباء المستقلة  انها تأتي في إطار مطالب مخزنية اقرب ما تكون إلى أضغاث أحلام.  حيث ترى مكاتب العلاقات العامة والاستشارات السياسية المتعاقدة مع نظام الرباط ان بإمكان المغرب الضغط على ألمانيا، خاصة في سنة البطة العرجاء بالنسبة لإدارة ميركل (Lahmen Ente)  أو العام الانتخابي الحالي ونهاية الحياة السياسية للمستشارة الألمانية  بعد أقل من ستة أشهر،  لاستخلاص تلك المطالب.

ولخص المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه، المطالب المغربية في ثلاث نقاط أساسية؛ مطلب سياسي، وآخر قانوني واخيرا مطلب إقتصادي. 

بين المانيا الرسمية وألمانيا الخيّرة

وقبل استعراض تلك المطالب الثلاثة قدم المصدر، الذي يعتبر خبيرا في الشؤون الاوروبية ومتابع عن كثب للسياسة الألمانية، تفصيل جزئي للعلاقات الألمانية الصحراوية منذ العام 1975. حيث يؤكد أنها مرت بمستويين رسمي وآخر مدني. حيث ظلت المانيا الرسمية من هيلموت شميدت إلى أنجيلا ميركل من أبرز الداعمين الاوروبيين للمغامرة التوسعية المغربية في الصحراء الغربية. ويظهر ذلك جليا في مستوى الدعم العسكري خلال حرب التحرير الأولى. ناهيك عن استفادة الرباط من  التكنولوجيا الألمانية في استنزاف ونهب الثروات الصحراوية عبر مجموعة من الشركات المتواجدة بالمنطقة والمرتبطة بعقود سرقة مع نظام الاحتلال. ومشاركة المستشار السابق غيرهارد شرويدر في منتدى كرانس مونتانا بمدينة الداخلة المحتلة  مارس 2016. وتصريحات السفير الفدرالي بالمغرب من انه "لا يرى من حل اكثر واقعية من مقترح الحكم الذاتي للنزاع الصحراوي". واخيرا حزمة المليار و300 اورو التي قدمتها برلين  للمغرب شهر ديسمبر الفارط. هذا فيما يخص العلاقات  الثنائية، اما على مستوى العلاقات الاوروبية متعددة الأطراف، فقد كانت المانيا الرسمية إحدى الدول التي رفعت طعنا على الحكم الصادر عن محكمة العدل للاتحاد الاوروبي شهر ديسمبر 2015. وكانت كتلة الشعوب الاوروبية PPE  بالبرلمان الاوروبي والتي يترأسها حليف ميركل، البافاري مانفريد فيبر، من أكثر الكتل تحمسا في دعم اتفاقيتي التبادل الحر والصيد البحري بين الاتحاد الأوروبي ودولة الاحتلال، والتي تشمل جورا الأراضي الصحراوية ومياهها المتاخمة. 

علاوة على أشكال من الدعم الأخرى التي تقدمها المانيا للنظام العلوي مقابل خدمات أمنية. 

اما المستوى الثاني للعلاقات الصحراوية الالمانية، يضيف المصدر فهو مدني. حيث نشطت الجمعيات المدنية والمنظمات الشعبية الألمانية منذ نهاية سبعينيات القرن الماضي في دعم ومؤازرة نضال الشعب الصحراوي، وبخاصة في ولاية بريمن الاتحادية، وعلاوة على التضامن السياسي قدمت الولاية مساهمات معتبرة للشعب الصحراوي في مجالات الطبابة، والتعليم والتكوين. كما كان لجمعية أصدقاء الشعب الصحراوي بألمانيا دورا بارزا في مرافقة مكاتب الجبهة بكل من نيويورك وجنيف وبون وإسداء المشورةالدبلوماسية لهم. كما كان لشخصيات سياسية من الحزب الديمقراطي الإجتماعي SPD مواقف جسورة مع الشعب الصحراوي ونضاله المشروع، من أمثال السيدة باربارا سيمون، والسيدة مارغوت كيسلر، والسيد نوربرت نويزر. و مؤسسات وشخصيات تابعة لكل من حزب الخضر والحزب اليساري.

ومع بداية الألفية الجديدة، وبحكم علاقات التعاون بين المنظمات الجماهيرية الصحراوية وجمعيات المجتمع المدني والمنظمات السياسية الألمانية، تم تشكيل منظمة جامعة لكل المتضامنين الألمان مع كفاح الشعب الصحراوي كان لها الفضل الكبير في عمل الضغط السياسي تجاه البرلمان الفيدرالي والبرلمانات المحلية وتجاه الشركات الألمانية المتورطة في نهب موارد الشعب الصحراوي الطبيعية. ناهيك عن برامج التبادل الثقافي بين الشباب الصحراوي والالماني خلال السنوات الفارطة، وعطل رسل السلام بكل من ولايتي  تورينغن وبرلين. وعمل منظمات التعاون الإنمائي الألمانية المتواجدة بمخيمات اللجوء. إضافة الى دعم القانونيين الالمان للمسؤولين الصحراويين في المعركة القانونية التي تخوضها جبهة البوليساريو منذ العام 2012. ناهيك عن نظرة الشعب الألماني للمغرب كبلد يمثل كوبا باتيستا بكل معانيها الانحرافية والمافيوية، في مقابل احترام كبير لكل من الجزائر والشعب الصحراوي على تضحياتهم أمام القوى الاستعمارية ووكلاء الإمبريالية بالمنطقة. 

بيت القصيد 

من يتابع تحركات النظام العلوي وتصريحات ممثليه خلال  الاعوام الماضية، قد لا يحتاج كبير اجتهاد لمعرفة مستوى الجرأة التي باتوا يتمتعون بها. وقد زادت تلك الجرأة مع انضمام المغرب الى الاتحاد الأفريقي، وقبله التجييش ضد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، ووقف التعاون الثنائي مع الاتحاد الاوروبي، وأخيرا التطبيع مع إسرائيل والانضمام إلى حلف الناتو العربي. علاوة على سنوات العجاف السياسية التي مرت بها القضية الصحراوية منذ عهد بيتر فان فالسوم. 

فبعد أن قايض تطبيعه العلني مع الدولة العبرية باعتراف ترامبي بسيادته المزعومة على الأراضي الصحراوية المحتلة، ظن نظام باتيستا الملكي أنه قد كرس الأمر الواقع بالصحراء الغربية وضمن سيرورة مخططاته التوسعية بالمنطقة، الا ان طلقات مقاتلي جيش التحرير الشعبي الصحراوي يوم 13  فبراير الماضي وإصدار مرسوم رئاسي في اليوم الموالي يؤكد على تحلل الشعب الصحراوي مما كان قد وقع عليه قبل ثلاثة عقود افسدت حسابات الاحتلال وخلطت أوراقه وبات في عجلة من أمره لحسم "الملف المطوي" وهو ما يذكر ببواكير الغزو المغربي عام 1975.

في هذا الإطار، وبدعم من ورقتي مراقبة الهجرة والتعاون الأمني يريد المغرب من ألمانيا، أو بالأصح من الاتحاد المسيحي الديمقراطي CDU (حزب ميركل، فون دير لاين، امين لاشيت وهورشت كولير) مطلب سياسي يتمثل ببعث مسودة مقترح كوهلير المبتورة فورا، وحذو ترامب في الاعتراف له بمطالبه التوسعية في الصحراء الغربية وإقناع باقي الدول الأعضاء للاتحاد الاوروبي بذالك.

اما المطلب الثاني فهو مطلب خدماتي قانوني بأن تتوسط السيدة ميركل والسيدة فون دير لاين لدى قضاة محكمة العدل للاتحاد الاوروبي بخصوص الطعون القانونية التي رفعتها جبهة البوليساريو ضد المجلس الأوروبي، اي القضيتين T279/19 و T344/19 والمنتظر فيهما حكم نهائي اواخر الشهر الجاري حسب هيئة المحاماة المتعاقدة مع جبهة البوليساريو . وهي الرشوة التي فشل في تقديمها رأس النظام المخزني منذ العام 2015.

اخيرا، يريد نظام الملك المفترس من ألمانيا ان توقف سيل انسحاب الشركات الألمانية والأوروبية من الأراضي الصحراوية المحتلة، والتي كان آخرها شركة كونتيننتال المشرفة على صيانة وتبديل قطع غيار حزام نقل فوسفاط بوكراع منذ العام 1974. وتخوف المغرب الحقيقي يكمن في انسحاب عملاق الطاقات المتجددة سيمينس Siemens، والمرتبط بشراكة مالية تتجاوز مليارات الدولارات مع ذراع الهولدينغ العلوي للطاقة Narreva. 

وحول رد الفعل المتوقع من برلين على تلك المطالب، يرى المصدر أن التنبؤ بالرد الالماني يبقى سابق لأوانه، الا ان هناك معطيات تحليلية تقول باستحالة تعاطي المانيا إيجابيا مع تلك المطالب، أولها تسويق برلين لنفسها -وعن حق إلى حد ما كمركز للدفاع عن القانون الدولي وسيادة القانون وتقديس مبدأ الفصل بين السلطات واستقلالية القضاء، ناهيك عن تحذيرها المستمر للشركات المتورطة في الأقاليم المحتلة من الأراضي الفلسطينية شرقا الى الأراضي الصحراوية المحتلة غربا من العواقب القانونية والسياسية عليها.

ويبقى رهان المغرب أو بالاحرى شركات الاستشارة السياسية التي تعمل معه على صعود جناح يميني داخل حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي متوجس من موضوع الهجرة والإرهاب يمثله المحامي فريدرش ميرتس، الا أنه هزم قبل شهرين أمام منافسه المعتدل امين لاشيت. وتشير استطلاعات الرأي هناك إلى صعود متواصل لحزب الخضر الذي يعتبر من انصار حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير. وسبق لزعيمته الحالية السيدة أنالينا بايرييك ان عملت مع المجموعة البرلمانية الاوروبية المشتركة لدعم الشعب الصحراوي. 

ويبقى التقدم الميداني لمقاتلي جيش التحرير الشعبي الصحراوي وزيارة فاتورة الاحتلال المادية والبشرية وصمود جماهير شعبنا في الأرض المحتلة عوامل واعدة لافساد مخططات العدو ومغامراته التوسعية.

تعليقات