من يوقف زحف أدوات الإحتلال المغربي "الرياضية "! على السيادة الوطنية الصحراوية ؟
إحدى صور رالي موناكو - داكار |
بقلم مصطفى محمد سيدالبشير |
تعتزم وللمرة الثانية ، منظمة "أفريكا إيكو رايس" جعل سباق السيارات المعروف ب "رالي موناكو-داكار" ، وهو الرالي الذي إنطلق من إمارة موناكو بحسب ما أعلن عنه يوم 5 يناير و من المنتظر أن يواصل طريقه مرورا بالمغرب ، فالصحراء الغربية المحتلة -التي ضمها السباق كاملة للمغرب ولم يعترف بها بشكل غير شرعي لا يمت للقانون ولا للرياضة الدولية بصلة- ثم موريتانيا وصولا إلى السنغال.
ومن المنتظر أن يدخل الرالي إلى الأراضي الصحراوية المحتلة يوم 10 من الشهر الجاري حيث سيمر بمدينة السمارة / شمال شرق ، و بمدينة الداخلة / جنوب غرب ، في طريقه خروجه من المنطقة المحتلة حيث سيعبر ثغرة الكركرات غير الشرعية مابين 11 إلى 13 من يناير الحالي.
ويظهر من الوهلة الأولى للمتابع ومن خلال مشاهد الإعلان التي تسبق إنطلاق النسخة الجديدة من هذا السباق غير القانوني ، يظهر مدى فجاجة التواطؤ بين المنظمين والإحتلال المغربي وحتى التوجيهات الفرنسية بدت ظاهرة في كل تلك الإعلانات.
وبث المنظمون في موقع الرالي و الحسابات التواصلية التابعة لهم شريطا وصورا تظهر مراحل السباق ونقاط عبور المشاركين فيه ، ومن خلال المواد الإعلانية له فإن المنظمين تعمدوا وللمرة الثانية دهس السيادة الوطنية الصحراوية ، حيث أظهروا أراضي الصحراء الغربية المحتلة وكأنها أراضي مغربية ، عبر عدم تمييز الخريطة الصحراوية باللون أو وضع الخط الفاصل بينها وبين المغرب الذي يحتل الإقليم، وبدلا من ذلك وضعوا كلمة المغرب وعلم دولة الإحتلال المغربية على الخريطة .
صورة من موقع الرالي تظهر مدى تواطؤ المنظمين مع الإحتلال المغربي وتلاعب بالخريطة المتعارف عليها من قبل الأمم المتحدة ودول العالم |
ومن كل الدول التي ستكون أراضيها مسرحا لهذا "السباق" لا يوجد لا إسم ولا علم ولا حتى خريطة تميز الدولة الصحراوية عن بقية الدول ، وهي التي تعد النقطة الثالثة والوسط من هذا الطريق المتجني على الشرعية الدولية والقوانين حتى الرياضية منها.
وأمام محاولات تجاهل النداءات الصحراوية الرسمية التي أطلقت في أوقات سابقة لتصحيح الخطأ واحترام سيادة الشعب الصحراوية وأراضيه ، وعدم الترسيخ للإحتلال المغربي في أراضي هي قيد نزاع قائم لم ينتهي بعد ، فإن المنظمين لا يبدون أي تعاون على ما يبدو ولا يفكرون في الإستجابة لهذه النداءات المرنة أكثر مما ينبغي ، بل ويتمادون في رسم خرائط وهمية تمعن في المس من مشاعر الشعب الصحراوي وتوغل في الدهس على سيادته وعلى القانون الدولي الذي لم يعد يلقى صدى في عالم بات يؤمن بالأفعال وفقط.
وفي إطار التعاطي المنضبط والمسؤول وربما المتراخي والروح الرياضية التي تعاملت بها جبهة البوليساريو والسلطات الرسمية الصحراوية في أوقات سابقة مع هذه التحركات السياسية التي تتخذ لها غطاء رياضيا ، لم تظهر الجهة أي نوع من ردات الفعل التي قد تفسد أو تشل مسارا رياضيا عالميا ، لكن هذا المسار المسيّس والحامل لرسائل مسمومة من العدو وحلفائه لم يعد محتملا لدى الشعب الصحراوي ولم يعد من المقبول ترك أدوات الإحتلال تخترق تراب الشعب الصحراوي دون رادع ، فما الحلول التي من شأنها إيقاف "هذه الدبابات" التي تأخذ لها شكل سيارات سباق؟
أمام الحكومة الصحراوية التي لم تٌعلن بعد ، ساعات قليلة لإفراغ هذا الهيكل الرياضي من محتواه السياسي المعادي لقضية الشعب الصحراوي وثوابت جبهة البوليساريو الممثل الشرعي والوحيد لهذا الشعب ، والأداة المخول لها ردع أي تجن على هيبة التراب الوطني وسايدة الشعب الصحراوي، ودراسة كافة السبل المتاحة لجعله يمر! لكن ليس كما يريد الإحتلال ، أو جعله يبتلع عباب الغبار الذي خلفه وراءه وهو يحسب خطوات العودة إلى موناكو.
إيقاف هذا الرالي بشكل عسكري مهذب ، هو حق مشروع للشعب الصحراوي ، تماما كما تفعل كل الدول التي تستشعر خطرا داهما على سيادتها ، ولكننا أمة مازالت تتلمس طريقها بسبل غير عنيفة ، أو هكذا ألٍفنا العالم نظرا للقريب من تاريخنا ، المليء بالسلمية غير المجدية ، وبما أن الأمور على الأغلب لن تكون نهايتها ذات طابع عسكري ، فإن البدائل الأخرى كلها هي حق مشروع ومتوفر وأدواتها مختلفة وكفيلة بجعل الأشياء تدخل في أغلفتها الحقيقية! .
الشرطة المدنية الصحراوية هي إحدى أدوات الدفاع الذاتي عن الشعب الصحراوي ، لذا فإن إيجاد نقطة أو نقاط تفتيش أمنية ، تمنع عبور أي شاحنة من إجتياز الشريط المحرر ، هي واحدة من الحلول الملساء حتى يتعهد المنظمون بتعديل الشعار وتصحيح الخرائط من فورهم ، وإلا فإن عليهم إختيار أراضي شعب آخر يسمح لهم بالعبور على كرامته.
إذا كانت الدولة غير قادرة على صيانة السيادة الوطنية الصحراوية بأدوات رسمية ، فإن توفير شاحنات للمنظمات الجماهيرية التي تمثل الشعب الصحراوي ، ووضعها في المكان المناسب مع أعلامها الوطنية و شعاراتها السلمية لغلق المنفذ غير القانوني ومنع عبور هذا الرالي ، مع تحرك داخل الأراضي المحتلة للمناضلين وتوجههم إلى مدينتي السمارة والداخلة المحتلتين والإلتحام بالمشاركين في التظاهرة بشكل سلمي والإحتجاج عليهم عن كثب ، كلها ستكون خطوات في محلها ولن تجد من العالم وقواه الحية إلا كل التضامن ، وليوفر لهذه الخطوة حيزها من التغطية الإعلامية ما يؤهلها لإيصال الرسالة النبيلة والمشروعة المراد توصيلها أمام ما سيحاول الطرف الآخر نسجه من قصص خرافية كما العادة.
تعليقات
إرسال تعليق