القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الأخبار

جبهة البوليساريو .. بدء العد التنازلي لانطلاق المؤتمر المفصلي في تاريخ حركة تحرير آخر مستعمرة في إفريقيا




تفاريتي - المشهد الصحراوي

في كافة تواجدات الشعب الحراوي ، لا صوت يعلو على الحديث عن المؤتمر الخامس عشر لجبهة البوليساريو ، الحركة التي نافحت عن مطالب الشعب الصحراوي عسكريا وسياسيا ، وقادت كفاحه من أجل الحرية في أحلك الظروف ، ما كلفها مواجهة أطغى القوى الدولية وأكثرها مصدرا للدعم السخي والقاتل.

ويعلق المتابع الصحراوي آمالا كبرى على هذه المحطة التي يعتبرها ملاحظون مفصلية ، سواء على مستوى الحركة الثورية ، أو على مستوى القضية الصحراوية ككل ، خاصة وأن المؤتمر يأتي وسط مناخ سياسي مشدود وأفق مسدود بعد نفاد صبر السعب الصحراوي من مسلسل التسويف الذي أكل أجيالا من هذا الشعب والتهم سنوات طوال من عمر القضية دون إحراز تقدم.

ولأن كل الأنظار موجهة الى تفاريتي / الشطر المحرر من الجمهورية الصحراوية ، والآمال المعلقة على نجاح المحطة المرتقبة كبرى ، والتوقيت الذي يأتي في سياقه حساس وغير قابل لاجترار النسخ المعادة تكرارها ،  فإن جبهة البوليساريو ، أمام إختبار صعب.

من ناحية التحضير ، سخرت جبهة البوليساريو كافة الإمكانيات المتاحة لتذليل الصعاب ، وأخذت وقتا كافيا لتعبيد الطريق المؤدية إلى "تفاريتي 2019" وبذلت كل المتاح لجعل المحطة على قدر التطلعات ، لكن المتابع الصحراوي يلح على الإجابة عن أسئلة غير تقنية.

من بين الأمور التي لاقت معارضة القيادة الوطنية للجبهة في نسختيها الماضتين ، مسألة إنشاء ألية رقابة ومحاسبة ،لتقويض الفساد الذي ينخر جسد الدولة ويستنزف صورة الحركة ويلوث سمعها دون أن يلاقي المذنبون أي جزاء ، لذا فإن هذه المسألة ستطرح نفسها الآن بثقل كبير ،  إذ تشكل شبه إجماع وطني على ضرورة إنشاء هذه الآلية التي من شأنها صون المكتسبات التي جاءت ثمرة لتضحيات جسام ثمنها دم مئات الشهداء ومعانات عقود من الحرمان والمصابرة، و طالتها يد الظلاميين فحولتها في طرقة عين إلى خبر كان.

وبالإضافة الى مسألة إرساء آلية الرقابة والمحاسبة ، التي ستحمي المال العام وتصون مؤسسات الجمهورية الصحراوية وكتسبات الجبهة الشعبية ويرد أيادي العابثين الى جيوبهم صفرا ، فإن مسألة السير في  طريق السلام هي الأخرى لن تكون مادة إستهلاكية فقط ، إذ إن أصوات قوية حتى من الثف الأول للحركة باتت تشكك في جدوائية هذا المسلسل الطويل والفاشل على حد وصف غالبية القايادات الثورية ، لا بل إن ثمة من أصبح يرى ضرورة القطيعة مع غصن الزيتون الذي لم يجني منه الشعب الصحراوي إلا الإنتظار ولم تجن منه الحركة أكثر من تفريخ كيانات موازية تنازع الجبهة على مسألة التمثيل وتميل كل الميل عن المسار القويم الذي تتبناه الجبهة ويملك صدى في قلوب الصحراويين ، مستغلة (الكيانات) هفوات بعض الفاسدين الذين لا يهتمون لصورة الجبهة أكثر من مصالحهم الخاصة وإن على ظهر القضية الذي أنهكوه بتكرارا حكايا فسادهم وتحويل قطاعات عامة ألى ملكيات خاصة ، لا بل إن بعض العارفين بخبايا القضية يذهب إلى وصف بعض هؤلاء الفاسدين بالمتآمر مع هذه الكيانات.


صوت الدافع سيكون مطروحا بقوة لكن على الأرجح فإنه لن يكون قرارا عشوائيا غير مدروس ، فبقدرما يلح الجانحون الى الحل العسكري على القطيعة مع أكذوبة السلام ، يطروحون وبقوة حلهم المفضل والمجرب لتكريك المياه الراكدة ، بقدرما يريدون فترة للإعداد الجيد وهذا لن يتأتى دون إعطاء حيز زمني لرسم الخطوط الدقيقة والخطوات الناجحة للتهيئة لنهج هذه المحطة التي وصفها الرئيس الصحراوي والأمين العام للجبهة السيد : إبراهيم غالي ، بالمحطة الإجبارية.

من بين المسائل التي ستحظى بحصة الأسد من البوليساريو 15 ، هي مسألة تعمير الأراضي المحررة ، وهي مسألة بالغة الاهمية لما في ذلك من تكريس لمفوم المنطقة المحررة ، وتكريس الدولة على أراضيها التي يعترف بها الإتحاد الإفريقي وتعرف الأمم المتحدة بوجودها ، وإقامة مؤسسات الدولة على أراضيها المحررة والبدء في مرحلة تحدي كبرى للبحث عن مصادر المياه واستخراجها وتوفير أسباب الحياة الطبيعية للمواطنين للإنتقال من مرحلة دولة المنفى إلى إسقاطها حقيقة على أراضيها التي إن لم تستغل فس"تسغل"!.


فهل تبتر الجبهة التي يحن لها الصحراويون على إختلاف مشاربهم يمنحونها إخلاصهم ووفاءهم ، هل تبتر العضو الفاسد من الجسد وتقطع مع مرحلة استنزفت صورتها وكرست بدلا منها صورة أخرى ترمي إلى زرع حفر الخيبات مكان المكتسبات والانتصارات التي حصدها رائد كفاح الشعب الصحراوي ، أم تواصل عملية مغازلة الفاسدين للحفاط على طوق "رابح رابح" ، وهل تخرج المحطة بأفعال وأقوال على قد موسى أم تترك أمر التغيير وإعادة النظر للصدفة وتمضي في طريق البحر اليبس  حتى تغمرها المياه على حين غفلة؟

هي مرحلة حاسمة قطعا ، والشعب ملتف حول رائد كفاحه أكثر من أي وقت مضى ، لكن اصراره وأماله على التغيير والقطيعة مع الإختلالات الماضية باتت مسألة لا تقبل التسويف.

تعليقات