بقلم محمد لحسن |
قبل أسابيع قليلة من إنعقاد المؤتمر الخامس عشر للجبهة
التي كان أحد مؤسسيها الاوائل، و كرس كل حياته من أجلها يرحل عنا البشير الصغير هكذا
دون سابق انذار ، مثله مثل رفقيه في درب النضال ومعترك الدبلوماسية والمفاوضات المحفوظ
اعلى بيبا والبخاري احمد رحمهم الله جميعا، وكأنهم قرروا في ذات اجتماع أن يرحلوا عنا
هكذا خلسة، أن يرحلوا عنا وهم في أوج العطاء ونحن في أمس الحاجة اليهم.
فمنذ سنة 1972 حيث التقى بالشهيد الخالد الولي مصطفى
السيد وهو حينها طالب يدرس الرياضيات في جامعة وهران، مُذاك التاريخ ربطته علاقة خاصة
بالشهيد الولي رحمه ولعل من نافلة الكلام القول أن العلاقة بالشهيد الولي لم تكن مختصرة
على البشير فحسب بل كانت مع عائلة أهل الصغير كلها، تلك العائلة المناضلة التي أعطت
قبل البشير شقيقيه في ساحات الوغى بقيادة قائد الناحية العسكرية الشهيد سعيد الصغير
وشقيقه، ودعمت الدبلوماسية الصحراوية بالبشير والسالك والتعليم بدحمان، والتي كان منزلها
بمثابة مقر رسمي للجبهة عندما كانت الجبهة لا تملك أي مقر لها خارج قلوب المؤمنين بها.
مثلها طبعا مثل العديد من العائلات الصحراوية التي احتضنت الجبهة في بدايتها.
ومن طرائف علاقة البشير برفيقه الولي أن منحته الدراسية
هي التي مولت رحلة الشهيد الولي الأولى إلى لبنان كما تشهد بذلك الكاتبة ليلى بديع
– وفي ذلك دليل ناصع الوضوح أن تأسيس الجبهة
كان صحراويا خالصا- لينتقل بعد مقاعد الدراسة مباشرة إلى ساحات الفعل النضالي حيث بدأ
عمله الدبلوماسي ممثلا للجبهة في فرنسا 1975 وفيها وضع اللبنات الاولى للعمل التضامني
مع الشعب الصحراوي، لينتقل سنة 1977 إلى نيويورك ممثلا للجبهة شارك حينها في عديد المعارك
الدبلوماسية التي كللت بتوصية الجمعية العامة 1979 التي إعتبرت الجبهة الشعبية لتحرير
الساقية الحمراء ووادي الذهب الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي ووصفت المغرب بالاحتلال
اللا الشرعي وطالبته بالخروج من الصحراء الغربية، وفي تلك الوظيفة الف كتاب باللغة
الإنجليزية عن القضية الصحراوية تحت عنوان إشعال الحرب Fueling the fire موقع بإسم Leo Kamil وظل في ذاك
المنصب مدافعا عن قضيته حتى وقف إطلاق ، حينها حضر جلسة مجلس الأمن بمناظرة وزير الخارجية
المغربي وكان أول صحراي يستدعى من طرف مجلس الأمن ويحضر إحدى جلساته، خلفه في منصبه
بنيويورك رفيق دربه الراحل البخاري احمد.
ليشغل بعد ذلك ممثل الجبهة في عديد العواصم الأوروبية
حتى سنة 1997 حين عينه الرئيس الراحل محمد عبد العزيز مستشاره الدبلوماسي وظل يشغل
هذا المنصب حتى سنة 2012 خلال هذه الفترة شارك في معظم المفاوضات التي جمعت الجبهة
مع الاحتلال المغربي، عين سنة 2012 أمينا عاما لوزارة الخارجية الصحراوية وفي سنة
2015 شغل منصب السفير الصحراوي في جنوب افريقيا في هذه الفترة عرفت القضية الصحراوية
قرارات مهمة من طرف مجموعة “صاداك SADAC” مجموعة التنمية لافريقيا الجنوبية.
ليختطفه الأجل هذا الاسبوع دون أن ينتهي من تأليف كتاب
عن المفاوضات الصحراوية كان بصدد تأليفه، هكذا يخسر الشعب الصحراوي دبلوماسي آخر من
طينة الكبار، يشهد له كل من عرف بالقدرة وبعد النظر ويشهد له تاريخه بصدق العهد.
هذا نزر قليل مما قدمه البشير لشعبه وقضيته والذي لا
يعلمه الكثير من أبناء شعبه لأنه ببساطة لا يتباهى بأداء واجبه النضالي. رحمه الله
تعالى واحسن مثواه وعزاؤنا في ارثه وعهده الذي ظل عليه إلى أن لقي ربه.
تعليقات
إرسال تعليق