القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الأخبار



أعده ل "المشهد الصحراوي" المحرر الصحفي : عالي محمد لمين

لم نكن على علم مسبق بالرحلة، انطلاقنا من المنطقة الإدارية الشهيد الحافظ يوم الأحد 14 يوليوز الجاري 2019 في حدود الساعة الثامنة مساءا إلى الربع، رفقة كوكبة من الإعلاميين الصحراويين من مختلف الوسائط الإعلامية لتغطية إتلاف كميات من المخدرات التي حجزتها المفارز المتقدمة لجيش التحرير الشعبي الصحراوي في وقت سابق، ونحن نتم إجراءات العبور عبر المعبر الحدودي الجزائري، صادف خروجنا تسجيل الهدف الأول للمنتخب الجزائري ضد نيجيريا ، وهو ما لحظناه عبر الفرحة التي تغمر الجنود الجزائريين المتمركزيين في المعبر وكذا العابرين من المواطنين الصحراويين.

كان المبيت عند منطقة "الظلعة" حوالي 80 كلم إلى الشرق من بلدة بير لحلو، وبالتحديد في النقطة المسماة "لقهيوة"، وهي النقطة المشبوهة المعروفة بتمركز أحد أبرز مساعدي جماعات التهريب والاتجار بالمخدرات، والفار حاليا من العدالة، وكانت في سنوات قليلة سابقة خلت نقطة سوداء للاستراحة وتمويل وإسناد عصابات الجريمة العابرة للحدود والمقايضة والاستبدال والنقل، قبل أن يعلنها الجيش الصحراوي في سنة 2015 منطقة عسكرية مغلقة يحظر التواجد أو التوقف فيها للمدنيين تحت أي ذريعة كانت، ومنذ ذلك الوقت أصبحت نقطة أمنة يسودها الاستقرار والأمن.

وكنت شخصيا قد مررت بهذه النقطة المشبوهة عدة مرات ذهابا وإيابا إلى المناطق المحررة في أزمنة مختلفة عبر السنوات الماضية ولاحظت التغير الواضح والبون الشاسع، الذي شهدته هذه المنطقة، وتحولها من نقطة تمركز للخارجين عن القانون إلى منطقة مستقرة يسودها الأمن ويمر عليها المسافرون الصحراويون الأمنيين لأخذ قسط من الراحة في طريقهم إلى مناطق أخر من الأراضي المحررة أو صوب تراب دولة موريتانيا الشقيقة للتجارة أو صلات الرحم وغير ذلك.
وفجرا، من يوم الإثنين15 يوليوز، والغبار الشديد يتشكل خلفنا عبر الطرقات الترابية، شقت بنا سيارة البعثة عباب المناطق المحررة الطاهرة من رجس الاحتلال والمسقية بدماء الشهداء مرورا بأدوية أفريجات وواد العبد وصولا إلى بلدة بير لحو المحررة، ومنها إلى المنطقة العسكرية الثانية، عبر وديان بن تيلي و "تيسكيماتن" ولعجارم فأخشاش.

كان الوصول إلى الناحية حوالي العاشرة صباحا بتوقيت غرينتش، أستقبلنا من طرق منسقي البعثات الصحفية، ووفرت لنا كل الإمكانيات الضرورية لأداء عملنا في أحسن الظروف.

كان يوم الوصول (الاثنين ) استراحة لنا، فاخترنا أن نجعل من مسائه فرصة للتجول في منطقة أخشاش، حاضنة المقاومة، والمنطقة ذات التضاريس الجبلية الصعبة والعصية على المستعمرين، وليست معركة أقليب أخشاش"أقليب الشهداء" التاريخية ضد الفرنسيين إلى نموذجا لذلك التاريخ الحافل بالمأثرة والبطولات التي سطرها الشعب الصحراوي ضد الغزاة الفرنسيين والإسبان والمغاربة، وبعد أن أرخى الليل سدوله رجعنا إلى مكان الاستقبال بالناحية.

وفجر يوم الثلاثاء 16 يوليوز، ونحن ندرك الانضباط في تعليمات الجيش الصحراوي، وقد أخبرنا قبلا من طرف المنسق الإعلامي أن علينا أن نكون مستعدين في الثامنة صباحا بتوقيت غرينتش، نهضنا باكرا جدا، وفي الثامنة صباحا بدأت الإجراءات المعمول بها.

الجيش يتعهد بالقضاء على الآفة...

ومن مقر هيئة أركان الناحية كانت البداية، وبعد حضور مراقبو الأمم المتحدة ممثلين بضباط من المينورصو، قدم قائد الناحية العسكرية حمة مالو موجزا عن الشحنات المحجوزة، بكل التفاصيل والحيثيات، مبرزا، أن دورية اعتيادية من الناحية العسكرية السابعة حجزت يوم 10 يوليوز الجاري بمنطقة اڤليب العڤاية بالقطاع العملياتي للناحية السابعة حجزت كمية من المخدرات تقدر ب120 كلغ من القنب الهندي وأوقفت خمسة متهمين بالاتجار بالمخدرات من جنسيات مختلفة، وأن هذه الشحنة نقلت من منطقة سيطرة القاعدة العسكرية المغربية 172 المتواجدة بداخل جدار العار المغربي وبالضبط بالفيلق 35 بقطاع "البقاري" ونقلت صوب شرق الجدار بالمناطق المحررة فكانت الدورية الصحراوية لها بالمرصاد، أما الشحنة الثانية، فقد تمكنت مفرزة متقدمة من اللواء الاحتياطي العاملة بالمنطقة العسكرية المشتركة للناحيتين الرابعة والثالثة تمكنت من حجز كمية تقدر ب1525 كلغ من القنب الهندي، وصادرة سلاحين من نوع كلاشينكوف مع 200 طلقة، وكذا سلاح رشاش من نوع BKT مع 1100 طلقة، وأوقفت أربعة جناة من جنسيات مختلفة، ومن بين عناصر المجموعتين خمسة من جنسية مغربية، وبحوزة ثلاثة منهم أوراق ثبوتية مغربية، اثنان بالبطاقة المغربية وواحد بجواز سفر مغربي، وأكد قائد الناحية أن "الجيش الصحراوي ملتزم بالقضاء بكل قوة وحزم على آفة المخدرات المدعومة من أجهزة مغربية" .

التقديم القانوني والإتلاف....

انطلق الكل صوب منطقة الإتلاف في قطاع الناحية الثانية والتي رصت بها المحجوزات بانتظام وتناغم، كمية المخدرات وفوقها السلاح ووراء ذلك الموقوفين وهم معصوبي العينين ومقيدي اليدين ثم السيارة المحجوزة، إلى جانب كل ذلك وقف جنود من الجيش الصحراوي في مشهد منتظم يوحي بالانضباط والحزم، مع وصولنا إلى منطقة الإتلاف قدم النائب العام إبراهيم بيلا التقديم القانوني والإجرائي للقضية، ومع انتهائه أعطى وكيل الجمهورية لدى محكمة الجزاء يربانا حنود الأمر بالإتلاف الفوري، ومع وجود كومة كبيرة من الخشب والإطارات المستعملة المحضرة سلفا وضعت أكياس المخدرات فوق تلك الكومة المتشابكة، ورشت بالبنزين وبكميات كبيرة وأضرمت بها النيران بعدما طلب من الجميع الابتعاد قليلا عن مكان الحرق على مسافة 50 متر تقريبا واشتعلت فيها النيران بحضور السلطات القضائية والعسكرية والإعلام، وتحت أنظار ضباط من بعثة المينورصو التابعة للأمم المتحدة.

ملاحظات ...

ونحن نراقب عملية الإتلاف من بدايتها إلى نهايتها كان لافتا، وجود ترقيم لكل كيس من المخدرات وكأنه كود أو رقم تسلسلي ، سئلنا عن الموضوع، فكان أن قيل لنا أن ذلك الترقيم هو رمز يخص الجهات المصدرة المغربية، وعند التدقيق أكثر في القطع الصغيرة التي يضمها الكيس الكبير، كانت مفصلة هي الأخرى بين علامتين مختلفتين هي، الرمز 20 وهي أغلب الشحنة وذات غلاف خارجي للكيس المقدر ب25 كلغ في كل كيس وذا لون أزرق فاتح به خطوط بنفسجية تحته غلاف عازل للمياه، وذات غلاف داخلي خاص بالقطع الصغيرة عازل أيضا، وقد كانت هذه العلامة 20 خاصة بالشحنة 1525 كلغ التي تم حجزها في منطقة روس تيملوزة ب"أشرقان".

أما الرمزTITU ويبدو ان شحنته أكثر جودة وحضرت بإتقان أكثر وقطعها الصغيرة لامعة ومغلفة بغلاف عازل للمياه بشكل أكثر دقة ويثير الانتباه، وذات غلاف خارجي للكيس الكبير المقدر ب30 كلغ أصفر اللون به خطوط خضراء، كانت العلامة تينو تخص الشحنة 120 كلغ التي تم حجزها في المنطقة العسكرية السابعة.

استفسرنا أكثر على الموضوع وأكد لنا أن هذه الأخيرة تيتو أطلقت نسبة لأحد زعماء دول عدم الانحياز الشهير بTITU ، بينما 20 هي نوعية أكثر رواجا وشهرة ومتداولة اكثر.

من بين أهم الملاحظات وجود كميات ضخمة من الذخيرة، حيث حجزت كمية 1100 طلقة خاصة بسلاح الرشاش BKT و200 طلقة خاصة بسلاحي الكلاشينكون، ويرجح وجود هذه الكمية الكبيرة من الذخيرة راجع لزيادة الضغط الذي يفرضه الجيش الصحراوي وقواته الخاصة على عصابات الجريمة المنظمة المدعومة من أجهزة مغربية، كما يعتبر وجود جواز سفر مغربي، وبطاقتين للتعريف من نفس الجنسية خاصة بأفراد العصابة الموقوفة تأكيد على أن المغرب لا يكتفي بتسهيل وتمويل ودعم نشاط جماعات الاتجار بالمخدرات، بل يدفع بمتعاونين معه وعيون لأغراض متعددة.

انتهت إجراءات الحرق، وانطلقنا حوالي 10 صباحا بتوقيت غرينتش من يوم الثلاثاء 16 يوليوز صوب مخيمات العزة والكرامة، فكانت لنا استراحة خفيفة قرب منطقة أم لقطى إلى الغرب من نقطة الحدود الصحراوية، ومساءا من نفس اليوم وصلنا إلى المنطقة الإدارية الشهيد الحافظ.

خلاصات...

تشير المعطيات المتوفرة والمعلومات المتواترة وزيادة تسليح المجموعات الإجرامية وكذا لجؤ مرتزقة المخدرات المرتبطين بالمخابرات المغربية إلى المناطق الجنوبية من الأراضي المحررة بالصحراء الغربية وبقاء تلك الأنشطة المتناقصة فقط في تلك المناطق الممتدة من أشرقان شمالا إلى الڤرڤرات جنوبا مرورا بميجگ وغوينيت والدوجگ مع بعض النقاط الهشة في امهيريز المحررة عبر الثغرات التي يحدثها الجيش المغربي المتمركز على جدار العار المغربي والملاصقة لتلك المناطق المذكورة، تشير هذه المعطيات إلى اقتراب الجيش الصحراوي عبر مفارزه المتقدمة من حسم الحرب على المخدرات المدعومة من أجهزة مغربية، بعد سنوات من الجهود المبذولة والتي قدم فيها شهداء وجرحى ضمن خطة شاملة ومتكاملة أقرها الجيش الصحراوي للقضاء على أفة المخدرات، بدأها من بوقربة في الشمال الشرقي والتي كانت تمر عبره حوالي 80% من عمليات الاتجار بالخدرات لقربها الجغرافي من مناطق التسليم بشمال مالي وفي الحدود المشتركة لموريتانيا ومالي والجزائر، ثم توجيه قوات أمنية صحراوية متقدمة لغلق الثغرات بالمناطق المحررة الشمالية بالقطاع الخامس (بير لحلو) والثاني (التفاريتي) للجيش، تلا كل تلك الخطوات الإغلاق الكامل منذ سنة 2018 لكل النقاط الرخوة بمنطقة "اشرقان" ضمن القطاع المشترك الثالث والرابع، ويتم مؤخرا إغلاق النقاط السوداء التي يحدثها الجيش المغربي عبر الجدار جنوب الأراضي المحررة في "ميجك" و"اغوينيت" ضمن القطاعين الثالث والسابع للجيش على التوالي.

يبدو أن الدولة الصحراوية اتخذت قرارا حازما لوقف تدفق المخدرات عبر جدار العار المغربي وغلق جميع الثغرات الأمنية في المناطق المحررة، ويتجه جيش التحرير الشعبي الصحراوي من خلال مغاوير وحدات النخبة ومفارز الجيش المتقدمة المتمركزة على تخوم جدار العار المغربي يتجه بخطوات ثابتة وقوية وصارمة لبسط الأمن والاستقرار وحسم الحرب على المخدرات بشكل دائم وشامل وكبح عصابات الجريمة المنظمة المدعومة من العدو.

تعليقات